جيل ما بعد الثورة ما الذي بقي من الحلم
الكاتبة : كنانة قطيفان
في بداية الثورة، كان حلم السوريين واضحاً وبسيطاً في آنٍ واحد. كانوا يتطلّعون إلى حياة خالية من القمع السياسي، بعيدة عن الخوف من الاعتقال والتعذيب، وعن الاستبداد الذي قيّد أنفاسهم لعقود. كانت الحرية والكرامة الشعارين الأبرز اللذين حملهما الناس على أمل أن يعيشوا حياةً تليق بإنسانيتهم.

لكن الرد من النظام البائد جاء عنيفًا وقاسيًا، ليفتح الباب أمام مسلسل القمع الدموي الذي طال كل مدينة وقرية، وجرّ السوريين نحو خيار السلاح دفاعاً عن أنفسهم ووجودهم. وبعد سنوات طويلة من الحرب،أصبجت سوريا بلداً منكوباً بالدمار والانقسامات، تتناثر فيها آثار الخسارة والخذلان.
ومع ذلك، فإن جيل ما بعد الثورة لا يزال متمسكًا بالقيم التي خرج من أجلها في عام 2011. ربما لم يعد الطريق نحو الحرية والديمقراطية واضحاً كما كان في البدايات، لكن الأمل لم ينطفئ، لا يزال حياً في قلوب كثيرين يؤمنون بأن سوريا يمكن أن تنهض من جديد كدولة ديمقراطية مستقلة تسودها العدالة والمواطنة.
ولا يمكن إغفال الحقيقة القاسية أن أكثر من من مليون شهيد و اثني عشر مليون سوري يعيشون التهجير والمعاناة في الداخل والخارج. لقد غيّرت هذه المأساة الجماعية شكل الحلم، فالكثير من السوريين باتوا يحلمون اليوم فقط بالأمان والاستقرار، بعد أن خسروا كل شيء.
كثير من الشباب الذين أُجبروا على الهجرة يبحثون الآن عن أفقٍ جديدٍ لإعادة بناء حياتهم في المنافي، لكنهم لا يزالون يحملون في قلوبهم حنيناً عميقاً لوطنهم الذي تحول إلى خراب.
ورغم كل ذلك، لم يمت الحلم السوري؛ بل تغير شكله. أصبح الحلم اليوم يتمحور حول البقاء على قيد الحياة، والعيش بكرامة، وإعادة بناء سوريا من تحت الركام، والحفاظ على الهوية الوطنية من الضياع في زحمة المنفى والشتات. هو حلم أصغر في الشكل، لكنه أعمق في المعنى، وأصدق في الإيمان بأن الحرية لا تموت مهما طال ليلها لكن تبقى الأسئلة الكبرى مفتوحة
هل يمكن لجيًل أنهكته الحرب والتهجير أن يستعيد حلم الحرية الذي بدأه؟
وهل ما زالت سوريا تمتلك ما يكفي من الوعي والإرادة لتبدأ من جديد على أنقاض الماضي، دولة للإنسان لا للسلطة؟
مقالات قد تعجبك أيضاً









