الجزيرة السورية… خدمات متدهورة وواقع صحي هش تحت إدارة قسد
فريق التحرير
تعيش مناطق الجزيرة السورية—الرقة، الحسكة، ودير الزور—واقعًا معيشيًا وخدميًا يتسم بالتراجع المستمر، وسط ظروف اقتصادية معقدة وتوترات أمنية وسياسية متكررة.
وعلى الرغم من الخطابات التي ترفعها الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) حول تعزيز الديمقراطية والإدارة المحلية، إلا أن شكاوى المدنيين تتزايد حول سوء الخدمات الأساسية، وعلى رأسها الخدمات الصحية.
الوضع الصحي: نقص حاد ومراكز غير مكتملة
تشير شهادات الأهالي ومنظمات إنسانية عاملة في المنطقة إلى أن قطاع الصحة يعاني من عدة مشكلات، أبرزها:
نقص الأدوية الأساسية، خصوصًا أدوية الأمراض المزمنة.
قلّة الكوادر الطبية المتخصصة، واعتماد مستشفيات محدودة الإمكانات على متطوعين أو طلاب طب.
ضعف التجهيزات في المراكز الصحية العامة، وعدم قدرتها على استقبال الحالات الحرجة.
عدم وجود مستشفيات مجانية جديدة تلبي الحاجة المتزايدة لفئات واسعة من المدنيين.
نتيجة لهذا النقص، كانت العيادات الخيرية والمراكز التطوعية تشكل شريان حياة لآلاف السكان من ذوي الدخل المحدود، خصوصًا الأرامل وكبار السن وذوي الإعاقة والمرضى المصابين بأمراض خطيرة.
إغلاق المراكز الخيرية: ضربة للمدنيين الأكثر هشاشة
خلال الأشهر الماضية، شهدت عدة مناطق في الجزيرة السورية إغلاق عدد من العيادات والمراكز الصحية المجانية، ما فاقم من معاناة الفئات الأشد ضعفًا التي تعتمد على هذه الخدمات بشكل كامل.
وفي مدينة الرقة، سُجّل آخر هذه الإجراءات بإغلاق العيادات التابعة للدكتور فراس ممدوح الفهد، وذلك عقب مشاركته في مظاهرات بمدينة معدان نهاية الأسبوع الماضي، وفق ما أكدته مصادر محلية.
كانت هذه العيادات تُعدّ من أبرز المشاريع الطبية المجانية في المنطقة، إذ كانت تقدّم خدماتها لقرابة 20 ألف أرملة ويتيم وذوي إعاقة ومرضى السرطان.
الفئات الفقيرة غير القادرة على مراجعة المشافي الخاصة وجدت نفسها أمام واقع أكثر قسوة بعد هذا الإغلاق، مما أثار موجة غضب بين الأهالي الذين رأوا في القرار تراجعًا إضافيًا للمساحة الإنسانية المحدودة أصلًا.
بين الخطاب والواقع
تسلط هذه التطورات الضوء على الفجوة الكبيرة بين الوعود المتعلقة بالخدمات والإدارة المدنية، وبين الواقع الذي يعيشه السكان يوميًا.
فغياب الاستثمار في البنية الطبية، مقابل إجراءات تضيق على المبادرات التطوعية والخيرية، يخلق فراغًا واسعًا يتحمل المدنيون تبعاته بشكل مباشر.
وبين الشعارات السياسية والاحتياجات اليومية الملحة، يظل المدنيون في الجزيرة السورية يواجهون معركة مستمرة من أجل الوصول إلى خدمات صحية أساسية.
وتبقى الأسئلة مفتوحة حول قدرة الإدارة القائمة على توفير حلول حقيقية، أو على الأقل السماح للمبادرات الإنسانية غير الربحية بأن تستمر في دعم الفئات الضعيفة التي لا تملك بديلًا.






