السعودية تستكمل تحضيرات مشاريع استثمارية كبرى في سوريا

فريق التحرير

أعلنت المملكة العربية السعودية عن وضع اللمسات الأخيرة على عدد كبير من الاستثمارات والمشاريع الاقتصادية في سوريا، في خطوة تعكس دعم الرياض لجهود التعافي الاقتصادي السوري بعد سنوات من النزاع والعزلة الدولية.

وفي تصريحات الجمعة، قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن المجتمع الدولي يقف إلى جانب سوريا، مؤكدًا أن الكثير من الاستثمارات يجري حاليًا الانتهاء من ترتيباتها بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وأضاف الجدعان، الذي يرأس اللجنة التوجيهية لصندوق النقد الدولي، أن دعم المجتمع الدولي لسوريا يعد واجبًا ضروريًا لتعزيز الاستقرار والتنمية بعد عقود من العزلة.

وأشار الوزير السعودي إلى أن رفع العقوبات الأميركية والأوروبية ساعد في تمهيد الطريق أمام استثمارات القطاع الخاص، وقال: أستطيع القول إن الكثير من الاستثمارات تتجه الآن في هذا الاتجاه… ومن واقع معرفتي الشخصية، أعلم أن الكثير من هذه الاستثمارات يجري بالفعل وضع اللمسات الأخيرة عليها.

تعاون مع صندوق النقد الدولي

وفي سياق متصل، أكدت كريستالينا جورجيفا، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، أن الصندوق يعمل بشكل وثيق مع السلطات السورية والبنك الدولي لبناء مؤسسات حيوية، مثل البنك المركزي، بما يسهم في ترسيخ التنمية والنمو. وأوضحت جورجيفا أن فريقًا من الصندوق زار دمشق في يونيو/ حزيران لأول مرة منذ عام 2009 لتقييم الأوضاع الاقتصادية والمالية، مضيفة أن وزير المالية السوري دعاها إلى زيارة البلاد، وأنها ستسافر بمجرد اكتمال البناء المؤسسي الجاري العمل عليه حاليًا.

استثمارات سعودية متعددة القطاعات

من جهة أخرى، أعلن وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح خلال زيارة دمشق الخميس عن توقيع 47 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة إجمالية تصل إلى 24 مليار ريال سعودي (حوالي 6.4 مليار دولار) في مختلف القطاعات، ضمن منتدى الاستثمار السوري السعودي 2025”. وتشمل الاتفاقيات قطاعات حيوية مثل: العقارات، والبنية التحتية، والاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات، والنقل والخدمات اللوجستية، والصناعة، والسياحة، والطاقة، والرعاية الصحية، والخدمات المالية.

وأشار الفالح إلى أن استثمارات قطاع الاتصالات السعودي ستبلغ نحو 4 مليارات ريال، فيما خصص نحو 11 مليار ريال لمشاريع التنمية العقارية، ومن أبرزها مشروع بيت الإباء في حمص. كما سيتم دراسة الإدراج المشترك بين سوق دمشق وسوق تداول السعودية، في خطوة لتعزيز التكامل المالي والاستثماري بين البلدين.

دعم مشترك مع دول عربية

وفي سبتمبر/ أيلول الفائت، قدمت السعودية وقطر دعمًا ماليًا مشتركًا بقيمة 89 مليون دولار للعاملين في القطاع العام السوري، بهدف تغطية الرواتب والأجور المرتبطة بالخدمات الاجتماعية وضمان استمرارية تقديم الخدمات الأساسية. كما أعلنت وزارة الطاقة السورية عن تشكيل لجنة مشتركة مع شركة أرامكو لتأسيس شركة قابضة للطاقة مملوكة للصندوق السيادي السوري، في خطوة تهدف إلى تقليص البيروقراطية وزيادة كفاءة إدارة القطاع بعد سنوات من التحديات التشغيلية والمالية.

انعكاسات اقتصادية وسياسية

تأتي هذه الاستثمارات في سياق تحسن العلاقات العربية مع دمشق ومساعي بعض الدول لإعادة إدماج سوريا في محيطها الإقليمي. ويُنظر إلى الاستثمارات السعودية المتنوعة على أنها عنصر رئيسي لتعزيز الاستقرار الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة، فضلًا عن ترسيخ بيئة استثمارية آمنة تسهم في دعم النمو الاقتصادي.

مع استمرار تنفيذ هذه المشاريع وتفعيل الاتفاقيات الموقعة، يبرز تساؤل مهم حول مدى قدرة هذه الاستثمارات على إحداث تحول ملموس في الاقتصاد السوري، ومدى تأثيرها على استقرار البلاد على المدى الطويل. ورغم التحديات الكبيرة، يبقى الأمل معلقًا على هذه الخطوة التي قد تشكل نقطة انطلاق جديدة نحو التعافي الاقتصادي في سوريا