أضف النص الخاص بالعنوان هنا
فريق التحرير
تعيش “قسد” اليوم على حافة الانهيار السياسي والعسكري مع تصاعد التوتر في مناطق الجزيرة السورية، وتزايد مؤشرات الانقسام الداخلي، ما يجعلها مقبلة على المعركة الأصعب أمام الدولة السورية منذ تأسيسها. وبين هشاشة التحالفات وضعف الحاضنة الشعبية، يبدو أن مستقبلها بات مهددًا من الداخل أكثر مما هو من الخارج.
المعركة الأصعب أمام الدولة السورية
رغم أن “قسد” ما زالت تسيطر على مساحات واسعة من الجزيرة السورية، فإن بنيتها الداخلية بدأت تتآكل تدريجيًا. تشير شهادات ميدانية إلى أن النسبة الكبرى من مقاتليها هم من العرب، لكنهم لا يملكون نفوذًا فعليًا داخل هيكليتها العسكرية أو السياسية. بل يُستخدم كثير منهم كجنود على الخطوط الأمامية مقابل رواتب متدنية، وسط تراجع الخدمات وتفاقم الأوضاع المعيشية في مناطق سيطرتها.
يؤكد أحد المقاتلين العرب المنضوين في صفوف “قسد”، ويُعرف باسم “ريزان تل براك”، أن الفوج الذي يخدم فيه يضم أكثر من 1300 مقاتل، أغلبهم من العرب، “ينتظرون اللحظة التي تعود فيها الدولة السورية إلى المنطقة”. وبحسب روايته، فإن كثيرين من رفاقه مستعدون للانشقاق فور اندلاع المواجهة
الانقسام العشائري يضعف "قسد"
الموقف الشعبي والعشائري في الجزيرة السورية لا يختلف كثيرًا عن مواقف المقاتلين. فالكثير من شيوخ العشائر الذين يظهرون في مناسبات “قسد” يفعلون ذلك تحت ضغط سياسي أو لأسباب أمنية. أحد الشيوخ، فضّل عدم ذكر اسمه، أكد أن معظم العشائر “على تنسيق غير معلن مع دمشق”، وأنهم في حالة “ترقّب لساعة الصفر” للانخراط في صفوف الجيش السوري.
هذا الانقسام العشائري العميق يشكل ثغرة كبيرة في بنية “قسد”، إذ إنها تعتمد على هذه العشائر لتثبيت نفوذها في المناطق العربية، لكن غياب الولاء الحقيقي يجعل سيطرتها مؤقتة وهشة.
ترسانة متطورة وولاء متآكل
من الناحية العسكرية، تمتلك “قسد” ترسانة ضخمة نسبياً تضم عربات أميركية الصنع وأسلحة متوسطة وثقيلة، فضلاً عن محاولاتها تطوير قدرات في مجال الطائرات المسيّرة. ومع ذلك، فإن تماسك الجيوش لا يُقاس بعدد الآليات فقط، بل بمدى الانسجام بين مقاتليه. وفي حالة “قسد”، يبدو أن هذا الانسجام مفقود تمامًا.
في المقابل، تعتمد الدولة السورية على جيش منظم يبلغ تعداده نحو 250 ألف مقاتل، إضافة إلى دعم إقليمي متزايد من دول عربية، أبرزها تركيا والسعودية، اللتان تشتركان في رفض المشروع الانفصالي الذي تتبناه “قسد”. كما تلعب العشائر السورية دورًا محوريًا في إعادة التوازن للميدان، إذ باتت تمثل خزانًا بشريًا جاهزًا للانخراط في أي معركة وطنية.
الاحتمال الأقرب: انهيار من الداخل
تشير المعطيات إلى أن أي مواجهة شاملة لن تكون حربًا طويلة الأمد، بل انهيارًا داخليًا سريعًا في صفوف “قسد”، مع انشقاقات متتالية للمقاتلين العرب. فغياب الحاضنة الشعبية والولاء المشترك سيجعلها عاجزة عن الصمود أمام الجيش السوري والعشائر المنتفضة.
وفي ظل هذا الواقع، تبدو “قسد” اليوم أمام مأزق وجودي. فهي بين خيارين أحلاهما مرّ: إما مواجهة مفتوحة مع الدولة السورية تنتهي بانهيارها، أو تراجع سياسي يفضي إلى خسارة مناطق نفوذها تدريجيًا.
في نهاية المطاف، ما يحدد مصير “قسد” ليس ما تملكه من سلاح أو دعم خارجي، بل مدى قدرتها على الاحتفاظ بولاء مقاتليها وسكان مناطقها. ومع تصاعد الرفض الشعبي العربي، يبدو أن المعركة المقبلة – إذا وقعت – ستكون المعركة الأصعب أمام الدولة السورية، لكنها قد تكون أيضًا المعركة الأخيرة بالنسبة لـ”قسد”.






