حرب المناهج… إغلاق قسري للمدارس المسيحية في القامشلي
الكاتب :مصطفى مهنا
تفاقمت الأزمة التعليمية في شمال شرق سوريا مع استمرار تنظيم “قسد” في انتهاكاته بحق المؤسسات التعليمية، مما دفع المواطنين إلى خيارات صعبة قد ترقى إلى مستوى التهجير. هذه الأزمة، التي بدأت بخلافات حول المناهج الدراسية، تحولت إلى سياسة تهميش منهجية تهدد مستقبل أجيال بأكملها.
“اطلبوا العلم ولو في دمشق”.. هكذا أصبح الحال، فأبواب المدارس أُغلقت، وأبواب الهجرة فتحت. تنظيم “قسد” يدفع العائلات إلى الهاوية.
إغلاق قسري للمدارس المسيحية
أغلقت “قسد” مؤخرًا عددًا من المدارس الخاصة التابعة للمكون المسيحي في القامشلي والحسكة بشكل مفاجئ ومن دون سابق إنذار. شمل الإغلاق مدارس هامة مثل “مار قرياقس” و”السلام” و”الاتحاد”، مما أثار موجة من الاستياء والاستنكار.
هذه الإجراءات، بحسب مصادر محلية، تأتي في إطار تصعيد التوتر بين “الإدارة الذاتية” ورؤساء الكنائس الذين يرفضون المناهج الجديدة ويتمسكون بالمنهاج الحكومي السوري المعترف به.
تصريحات رسمية تزيد الوضع تعقيدًا
أكدت التطورات الأخيرة تصريحات علنية أدلى بها عدنان بري، الرئيس المشترك لهيئة التربية والتعليم في مقاطعة الجزيرة، لقناة “ROJAVA TV”، حيث أعلن عن قرار بوقف جميع المدارس الخاصة وإلزام التدريس حصراً بمنهج “الإدارة الذاتية” مع إلغاء شامل للمنهاج الحكومي.
هذا القرار، الذي جاء بعد فترة قصيرة من استثناء المدارس المسيحية من هذه الإجراءات، أنهى أي إمكانية للحلول الوسط وزاد من حدة الأزمة.
شهادات المواطنين: “القصة صارت مسخرة”
يعكس الواقع الجديد حالة من اليأس والغضب بين الأهالي. في تصريح أدلى به أحد المواطنين، وصف الوضع بكلمات لاذعة: “القصة صارت مسخرة… ليش تروح المدارس الخاصة حصرًا وتدفع مبالغ ماديًا للإدارة الذاتية؟”.
وأضاف: “ما يدخل فيها غير الغني والمقتدر وبالدولار… أما الفقير عيش يا كديش لينبت الحشيش”. هذه الشهادات تسلط الضوء على أن السياسات الجديدة جعلت التعليم امتيازًا للأغنياء، حيث أصبح الفقير مجبرًا على الاختيار بين تعليم غير معترف به أو التخلي عن تعليم أبنائه.
نزوح تعليمي وخطر التهجير
في ظل هذا الواقع المرير، أصبح “النزوح التعليمي” خيارًا وحيدًا للعديد من العائلات. حيث صرح مصدر محلي، رفض الكشف عن اسمه، بأنه اضطر للسفر مع عائلته إلى دمشق لضمان استمرار تعليم أبنائه، رغم التكاليف الباهظة للسفر والاستقرار من جديد.
وفي السياق ذاته، أكد مواطن آخر استعداده هو ومجموعة من الأصدقاء لاتخاذ هذه الخطوة القاسية، وقال: “معليش يا أخي نتدين، بس أهم شي ما يضيع مستقبل ولادنا”.
هذا الوضع يثير تساؤلات جدية حول ما إذا كانت هذه الإجراءات تندرج ضمن سياسات التهجير التعليمي أو حتى التغيير الديموغرافي، حيث يُدفع السكان إلى مغادرة مناطقهم بحثًا عن أساسيات الحياة، مثل الحق في التعليم.