السوريون يوحدون صفوفهم من جديد: حملات الوفاء تتجاوز كل التوقعات

الكاتب : حسن رملان

انطلقت اليوم في سوريا حملة الوفاء لإدلب بعد سلسلة من الحملات السابقة التي دعا إليها السوريون لمساعدة الحكومة في إعادة الإعمار وتأهيل الخدمات الأساسية في المحافظات. وقد تمكنت الحملات السابقة من جمع مبالغ كبيرة، حيث سجلت حملة ريفنا بيستاهل بريف دمشق أعلى مبلغ وصل إلى 77 مليون دولار، فيما حققت حملة “ابشري حوران” 38 مليون دولار، وتجاوزت حملة “دير العز” 30 مليون دولار، عدا عن حملة أربعاء حمص وباب الخير وغيرها.

تبرعات متنوعة ومبادرات إنسانية

هذه الحملات لم تكن مجرد جمع تبرعات نقدية، بل شملت أيضًا أراضي وعقارات ومقتنيات خاصة، حيث كانت تقام مزادات مفتوحة عُرضت فيها أشياء مميزة. ففي دير الزور مثلًا أقيم مزاد على خيل عربية أصيلة، بينما تضمنت حملات أخرى تبرعات متنوعة مثل دراجات هوائية للأطفال. وفي مدينة الباب تبرعت ابنة أحد الشهداء بخاتم ذهبي، فاشتراه أحد المتبرعين ثم أعاده إليها، لتعود هي وتتقدم به مرة أخرى كتبرع للحملة. وتجدر الإشارة إلى أن أول حملة كانت “الوفاء لحلب”، والتي لم يكن هدفها الأساسي جمع التبرعات بقدر ما كان تسليط الضوء على معاناة المنطقة وتلبية احتياج أولي. تبعتها مباشرة حملة “دير الزور تستاهل” التي واجهت بعض العراقيل من جهات حكومية مثل مكتب HAC، لكنها حققت نجاحًا إعلاميًا لافتًا عبر إبراز واقع المنطقة، قبل أن تعود لاحقًا باسم “دير العز” بدعم وتغطية حكومية. كما أن هناك مبادرات مجتمعية ضمن المدن والأرياف والبلدات لم تحظ بالصدى الإعلامي، إلا أنها أسهمت في تغطية جزء من احتياجات المناطق المنكوبة والتخفيف من معاناة الأهالي.

إدلب… بارقة الأمل الكبرى

أما حملة الوفاء لإدلب فقد فاقت كل التوقعات، إذ تجاوزت قيمة التبرعات عتبة 208 ملايين دولار موجهة نحو إعادة بناء المناطق المتضررة وبناء المدارس وتأهيل المرافق العامة. ويعيش في إدلب أكثر من مليون نازح داخل المخيمات، وستكون هذه الحملة بارقة أمل لإعادتهم إلى مدنهم وبلداتهم والتخفيف من معاناتهم، خصوصًا مع اقتراب فصل الشتاء الذي يزيد من صعوبة أوضاعهم. وشارك في الحملة كل من فريق ملهم التطوعي، وهيئة الإغاثة الإنسانية (IHH)، ومنظمة بنفسج، وفريق العطاء، والدفاع المدني السوري، إلى جانب شخصيات رسمية ورجال أعمال. كما حضر الرئيس المؤقت أحمد الشرع دعمًا للحملة، وأكد خلال كلمة له: “اليوم يوم الوفاء لأمنا إدلب العز، ولها في عنق سوريا الكثير. اخترت إدلب لأخاطب أبناء سوريا منها وفاءً لها”. وفي سياق مختلف، أكد الشرع أن رفع العقوبات عن سوريا ليس غاية بل وسيلة لإعادة الإعمار، مشددًا على أن سوريا استعادت مكانتها التاريخية بين الأمم. وأوضح أن لقاءاته مع قادة الدول أظهرت حبهم ودعمهم لسوريا والشعب السوري، ورفضهم كل دعوات التقسيم، مؤكدين على وحدة أراضيها. من جانبه، دعا وزير الإعلام في الحكومة السورية، حمزة مصطفى، في وقت سابق عبر منشور على منصة X، السوريين للوقوف مع إدلب ودعمها في حملتها، مضيفًا: “سيكتب التاريخ يومًا ما أن سوريا تحررت من إدلب وأنها أوفت بوعدها لجميع المدن السورية، وحق علينا اليوم أن نبادلها الوفاء بدعم حملة الوفاء لإدلب”. وانطلقت فعاليات الحملة عند الساعة السابعة من مساء البارحة في الملعب البلدي بمشاركة فعاليات رسمية وتجارية وأهلية. وحملة الوفاء لإدلب، والحملات السابقة، والمبادرات الأهلية هي رسالة وطنية وإنسانية في آن واحد، تؤكد أن السوريين، رغم الجراح والألم والدمار، قادرون على مد يد العون لبعضهم، والمضي قدمًا في إعادة إعمار سوريا بعد الدمار الذي خلفه النظام الأسدي المجرم.