تحركات أمريكية وزيارة تاريخية للرئيس السوري أحمد الشرع

فريق التحرير

تستعد واشنطن للتمركز في قاعدة المزة الجوية بدمشق ضمن اتفاق أمني غير مسبوق، بينما تترقب الأوساط السياسية زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى واشنطن، في خطوة قد تعيد رسم ملامح العلاقة السورية–الأمريكية وتفتح الباب أمام رفع العقوبات المفروضة منذ أكثر من عقد.

أبعاد التمركز الأمريكي في قاعدة المزة

يشكل التمركز الأمريكي في قاعدة المزة الجوية خطوة رمزية وعملية في آنٍ معًا، إذ تعد القاعدة من أكثر المواقع العسكرية حساسية في دمشق. ويرى مراقبون أن هذا الوجود يمثل تحولًا جذريًا في مقاربة واشنطن للملف السوري، من الانخراط غير المباشر إلى الشراكة الأمنية المحدودة داخل العاصمة.

ويشير خبراء إلى أن التحرك الأمريكي يوجّه رسائل متعددة إلى أطراف إقليمية عدة: لإيران بأن النفوذ العسكري في سوريا لم يعد حكرًا عليها، ولإسرائيل بأن واشنطن ما زالت الضامن الرئيسي لأمن الحدود، ولروسيا بأن الولايات المتحدة عادت لاعبًا ميدانيًا مؤثرًا بعد سنوات من الانكفاء.

وبحسب مصدر سوري مطّلع تحدث إلى منصة سورية، فإن الاتفاق المبدئي مع واشنطن يقضي بتحديد سقف المهام الأمريكية داخل القاعدة، مع إشراف مباشر من وزارة الدفاع السورية لضمان احترام السيادة الوطنية ومراقبة طبيعة الأنشطة العسكرية والاستخباراتية.

زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن ودلالاتها السياسية

من المنتظر أن يقوم الرئيس السوري أحمد الشرع بزيارة رسمية إلى واشنطن مطلع الأسبوع المقبل للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في أول زيارة من نوعها منذ عام 2011. وتهدف الزيارة إلى بحث ملفات رفع العقوبات، ودمج دمشق في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش، إضافة إلى مناقشة التعاون الاقتصادي والإنساني بين البلدين.

وأكد ترامب في تصريح مقتضب أن “الرئيس الشرع يعمل بجد ويقوم بعمل جيد للغاية”، معتبرًا أن قرار رفع العقوبات جاء لإتاحة “فرصة جديدة” لسوريا بعد سنوات من العزلة السياسية. وتُعَدّ هذه الزيارة –بحسب مراقبين– اختبارًا حقيقيًا لمدى استعداد واشنطن ودمشق لإعادة بناء الثقة وتطبيع العلاقات تدريجيًا.

في المقابل، أشار مصدر دبلوماسي إلى أن الجالية السورية في الولايات المتحدة تستعد لتنظيم وقفات دعم أمام البيت الأبيض، تعبيرًا عن الأمل في بداية مرحلة جديدة من التعاون بعيدًا عن الصراعات السابقة.

جدل العقوبات وانقسام مجلس الأمن

بالتزامن مع التحركات الميدانية والسياسية، يشهد مجلس الأمن الدولي انقسامًا واضحًا حول مشروع قرار أمريكي يقضي بشطب العقوبات المفروضة على الرئيس السوري ووزير داخليته. وقدّمت الصين تعديلات تربط رفع العقوبات بملف المقاتلين الأجانب، فيما تضغط واشنطن لإجراء التصويت دون تأجيل.

وبحسب The Wall Street Journal، تسعى الإدارة الأمريكية إلى إدراج إلغاء “قانون قيصر” ضمن قانون تفويض الدفاع الوطني (NDAA)، معتبرة أن استمرار العقوبات يعيق جهود إعادة الإعمار ويحدّ من قدرة واشنطن على إعادة تشكيل استراتيجيتها في الشرق الأوسط.

كما تدرس الأمم المتحدة مقترحًا أمريكيًا يتضمن رفع أسماء شخصيات سورية من قوائم العقوبات مقابل تسهيلات تجارية وإنسانية محددة، في إطار صفقة أوسع لدعم الاستقرار وإعادة الإعمار.

مرحلة جديدة في العلاقات السورية–الأمريكية

يرى محللون أن التمركز الأمريكي في المزة وزيارة الرئيس الشرع المرتقبة يشيران إلى بداية مرحلة جديدة من العلاقات السورية–الأمريكية، تتسم بالبراغماتية والتقاطع في المصالح الأمنية. فدمشق تسعى لتخفيف الضغوط الاقتصادية واستعادة دورها الإقليمي، بينما تحاول واشنطن تثبيت حضور رمزي يضمن مراقبة الميدان السوري وتوازن القوى فيه.

ومن المرجح أن تنعكس هذه التطورات على ملفات إقليمية حساسة كالوضع في لبنان والأراضي الفلسطينية، إلى جانب إعادة تقييم العلاقة بين دمشق وموسكو وطهران في ضوء التفاهم الأمريكي–السوري الناشئ.