الجزيرة تصرخ… مظاهرات رمزية وسط صمت وقهر قسد

الكاتب: الصحفي أحمد السخني

الجزيرة السورية تعود إلى الواجهة من جديد، عبر مظاهرات رمزية خرجت في دمشق وعدة محافظات سورية تحت شعارات “الجزيرة ليست وحدها” و“الشعب يريد تحرير الجزيرة”، في محاولة لتسليط الضوء على واقع المعاناة والانتهاكات المستمرة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد). وبين الخوف والخذلان، ظل صوت الجزيرة صرخةً مكتومة تبحث عن صدى.

الجزيرة ليست وحدها: احتجاجات رمزية وصمت ثقيل

رغم الطابع الرمزي للمظاهرات، كان الحضور محدودًا في الساحات. في دمشق، يؤكد أحد المشاركين أنه ذهب إلى ساحة المرجة ليجد “عددًا قليلًا من أبناء الشرقية، وكأن الخوف سبق الجميع”. وفي حمص، حاول طلاب الجامعات تنظيم وقفة تضامنية لكنهم واجهوا واقعًا من اللامبالاة والخشية من العقاب، بحسب ما روى أحد المنسقين.

أما في منطقة نبع السلام، فيقول ناشط محلي: “لم يأتِ العدد المطلوب. الناس تعبوا، والبعض فقد الأمل أو خشي الملاحقة.” مشهد يعكس حالة عامة من الصمت الممزوج بالقهر، في وقتٍ يزداد فيه الضغط الأمني والاجتماعي على أبناء المنطقة.

صمت الجزيرة بين الخوف والخذلان

يتحدث ناشط من الحسكة عن واقعٍ قاسٍ، إذ يقول: “مستوى التضييق الأمني يعادل ما فعله الشبيحة في سنوات سابقة، لذلك صمت الآلاف ليس رضا، بل خوف من بطشٍ يفوق الوصف.” ويضيف آخر من دير الزور أن معظم المشاركين “ليسوا من المقيمين الدائمين، بل حضروا بالصدفة أو لأسباب مؤقتة، لكنهم يمثلون آلاف السوريين الذين لا يملكون ترف الخروج.”

هذه الشهادات تعبّر عن مأساة جماعية يعيشها أبناء الجزيرة السورية يوميًا، حيث تتحول الحياة إلى معركةٍ مستمرة من أجل البقاء.

شهادات من الداخل: حلم العودة والحرية

من بين المشاركين في التظاهرات، قال أحد المتظاهرين: “هُجرنا من مناطقنا بسبب بطش قوات قسد، كنا نأمل أن تنتهي هذه المرحلة، لكن كل الاتفاقات كانت على حساب دمنا.” بينما أكد آخر أنه “هرب من مناطق سيطرة قسد بسبب مناهجهم وسلطتهم، لكنه ما زال يحلم بالعودة إلى أرضه.”

تعكس هذه الأصوات رغبةً حقيقية في استعادة الحياة الطبيعية والعيش تحت سلطة الدولة السورية، بعيدًا عن الفوضى والولاءات المتنازعة.

واقع الجزيرة تحت قبضة قسد

منذ سنوات، تعاني الجزيرة السورية من تدهورٍ متواصل في الخدمات الأساسية، وتفاقم البطالة، وأزماتٍ متكررة في الوقود والغذاء. يقول أحد الحقوقيين من دير الزور: “القضية لم تعد فقط من يحكم، بل كيف يعيش الناس. هناك شعور بأن الجميع تخلى عن هذه المنطقة.”

ورغم تكرار الوعود بتحسين الواقع المعيشي، تبقى الجزيرة غارقة في أزماتها اليومية، فيما يزداد شعور الأهالي بالعزلة والتهميش.

صرخة بلا صدى… لكن الأمل مستمر

في مظاهرات معدان شرق الرقة، خرج عشرات المواطنين ضمن جمعة “الشعب يريد تحرير الجزيرة”، رافعين الأعلام الوطنية ومرددين هتافات تؤكد استمرار الحراك السلمي رغم الخوف. وعلى مواقع التواصل، تفاعل ناشطون عبر الوسوم:
#الجزيرة_ليست_وحدها، #الشعب_يريد_تحرير_الجزيرة،

ورغم الصمت في الساحات، يبقى صوت الجزيرة حيًا في وجدان السوريين، رمزًا للإصرار والصمود، ونداءً متجددًا بأن الحرية والعدالة حق لا يُقهر مهما طال الزمن