زيارة أحمد الشرع إلى موسكو... تحريك الجمود ورسم التوازنات الجديدة

الكاتب محمد حمود البليبل

في زيارة وُصفت بأنها الأكثر أهمية منذ التغير السياسي الأخير في دمشق، وصل الرئيس أحمد الشرع إلى العاصمة الروسية موسكو لبحث مستقبل العلاقات بين البلدين، وسط تحولات إقليمية ودولية متسارعة.

توقيت دقيق ورسائل متعددة

تأتي الزيارة في لحظة حساسة تشهد تراجعاً نسبياً في الحضور الروسي الميداني داخل سوريا، بالتزامن مع تصاعد الدور الإيراني شرق البلاد وعودة الاهتمام العربي بالملف السوري عبر بوابة الإعمار والاستثمار.

اختيار موسكو كأول وجهة خارجية يحمل رسالة واضحة:

سوريا تريد تثبيت علاقتها مع الحليف الروسي، ولكن على أساس جديد من التوازن والاحترام المتبادل.

أهداف الزيارة: إعادة صياغة العلاقة

تشير المعطيات إلى أن الشرع يسعى من خلال هذه الزيارة إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية:

  1. إعادة هيكلة الوجود الروسي في سوريا بصيغة شراكة دفاعية لا وصاية عسكرية.
  2. تسوية ملف رموز النظام السابق الموجودين في روسيا، في خطوة سياسية ترمز إلى طي صفحة الماضي.
  3. إعادة بناء الشراكة الاقتصادية على أسس عادلة وشفافة، تراعي مصالح الدولة السورية وسيادتها.
موسكو بين البراغماتية والواقعية

الكرملين بدوره يدرك أن الظروف تغيرت، وأن استمرار النهج القديم لم يعد ممكناً.
روسيا تبحث عن نفوذ مستقر عبر التعاون السياسي لا السيطرة الميدانية، وعن شريك قادر على ضمان المصالح الروسية دون التورط في النزاعات.
ومن هنا، تكتسب زيارة الشرع أهمية مضاعفة، إذ تشكل نقطة تحول في طبيعة العلاقة بين دمشق وموسكو.

رسائل الزيارة إلى الداخل والخارج

تحمل الزيارة رسائل واضحة إلى أطراف متعددة:
إلى إيران: التوازن هو القاعدة الجديدة، وليس الهيمنة.
إلى واشنطن: دمشق تتعامل مع الجميع انطلاقاً من سيادتها.
إلى العواصم العربية: سوريا الجديدة مستعدة للانفتاح ضمن علاقات متكافئة.
إلى الداخل: القرار السوري يعود إلى مؤسسات الدولة، لا إلى مراكز النفوذ القديمة.

ما بعد موسكو

من المتوقع أن تفضي الزيارة إلى:
مراجعة الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية القديمة.
تفعيل مشاريع مشتركة في الطاقة والإعمار.
فتح قناة سياسية جديدة بغطاء روسي عربي.
تقليص تدريجي للنفوذ الإيراني في بعض المناطق الحساسة.

ختاماً

الزيارة ليست مجرد حدث دبلوماسي، بل مؤشر على ولادة نهج سياسي جديد في دمشق يقوم على الواقعية والانفتاح المتوازن.

أحمد الشرع يتحرك بهدوء لكتابة فصل جديد من العلاقات السورية الروسية، عنوانه: الشراكة من موقع الندية لا التبعية