أحمد الشرع أول رئيس سوري يلقي كلمة في الأمم المتحدة منذ نصف قرن

فريق التحرير

ألقى الرئيس السوري أحمد الشرع خطابًا تاريخيًا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ليصبح أول رئيس سوري يقف على هذا المنبر منذ أكثر من خمسين عامًا، في حدث اعتُبر محطة فارقة في الحضور السوري على الساحة الدولية.

وكان آخر رئيس سوري ألقى كلمة في مقر الأمم المتحدة هو نور الدين الأتاسي عام 1967، قبل أن تبتعد سوريا لعقود عن هذا المنبر بسبب حرب 1967 وتبعاتها، ثم بسبب سياسات حكم عائلة الأسد التي فضّلت التمثيل الدبلوماسي على حضور الرؤساء شخصيًا، وصولًا إلى مرحلة العزلة الدولية التي فرضتها العقوبات والحرب الأهلية بعد عام 2011.

الشرع، في أول خطاب له أمام الدورة الثمانين للجمعية العامة المنعقدة حاليًا، طالب برفع جميع العقوبات المفروضة على بلاده، معتبرًا أنها تُعيق مسيرة الاستقرار وإعادة البناء. واستعرض مسيرة سوريا خلال العقود الماضية، مؤكدًا أنها “وقعت منذ 60 عامًا تحت نظام غاشم يجهل قيمة الأرض التي حكمها”، مشيرًا إلى أن النظام السابق استخدم أبشع أدوات التعذيب وقتل نحو مليون إنسان وهدم نحو مليوني منزل.

وقال الشرع إن الشعب السوري لم يكن أمامه سوى تنظيم صفوفه وخوض معركة عسكرية تُوجت بنصر استعاد فيه حقه، لتصبح سوريا اليوم بلدًا يمثل فرصة للسلام والازدهار في المنطقة. وأضاف أنهم انتصروا لأمهات الشهداء والمفقودين، ومهدوا الطريق لعودة اللاجئين، لكن أطرافًا عدة حاولت، بحسب تعبيره، إثارة النعرات الطائفية سعياً لتقسيم البلاد.

وخلال كلمته، تعهد بمحاسبة كل من تلطخت يداه بالدم السوري، مؤكدًا أن العدالة الانتقالية ستكون ركيزة أساسية في مسار سوريا نحو مستقبل مختلف، يقوم على المصالحة وبناء دولة القانون. كما أوضح أن بلاده تلتزم بسياسة قائمة على الحوار والدبلوماسية، وبمعاهدة فض الاشتباك، بما يضمن الاستقرار الإقليمي.

كما وجه الشرع شكرًا خاصًا للدول التي دعمت سوريا في مسيرتها، مشيرًا بالاسم إلى قطر والسعودية وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، معتبرًا أن الشراكات الدولية ضرورية لإنجاح أي عملية تحول حقيقية.

وفي الجانب الاقتصادي، أعلن الرئيس السوري عن العمل على تهيئة بيئة صالحة للاستثمار وإعادة الإعمار، مشددًا على أن سوريا بحاجة إلى انفتاح اقتصادي يواكب عملية الإصلاح السياسي والاجتماعي.

وفي موضوع آخر، أكد الشرع وقوف سوريا، قيادًة وشعبًا، إلى جانب أهل غزة وأطفالها، مطالبًا بوقف الحرب فورًا، ومعبرًا عن دعم بلاده الكامل لصمودهم في مواجهة ما يتعرضون له.

وختم خطابه بالتأكيد على أن سوريا اليوم تعيد بناء نفسها كبلد صاحب حضارة، يليق به أن يكون دولة قانون.

بهذا الخطاب، حاول الشرع أن يوازن بين رسائل الداخل وتطلعات الخارج، جامعًا بين الحديث عن العدالة والمحاسبة، ورسم ملامح لمستقبل اقتصادي أكثر استقرارًا، مع التأكيد على ثوابت الموقف السوري تجاه القضية الفلسطينية.