دور الشباب السوري في المرحلة الراهنة من الفعل الاحتجاجي إلى الشراكة في إعادة البناء

الكاتب : جبير السكري

يبرز الشباب السوري اليوم بوصفه أحد أهم الفواعل الاجتماعية والسياسية في البلاد، لا من حيث الحجم الديموغرافي فقط، بل من حيث الخبرة التاريخية التي راكمها خلال أكثر من عقد من الصراع والتحولات العميقة.
فمنذ عام 2011، كان الشباب في طليعة الحراك الشعبي، وتحملوا القسم الأكبر من كلفة التغيير، إلا أن حضورهم في مسارات صُنع القرار بقي محدودا وموسميا، وغالبا ما جرى التعامل معهم كوسيلة ضغط، لا كشريك فعلي في رسم السياسات العامة

الواقع الراهن وتحديات المرحلة

تمر سوريا في المرحلة الراهنة بواقع معقد، يتسم بمحاولات إعادة ترتيب المشهد السياسي، وطرح مسارات انتقالية غير مكتملة، في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية عميقة، وتراجع واضح في الثقة بين المجتمع والدولة.
وفي هذا السياق، تبرز مسألة إشراك الشباب بوصفها أحد المفاتيح الأساسية لإعادة بناء الشرعية السياسية والاجتماعية، وضمان الاستقرار على المدى الطويل.

طاقات الشباب ودورهم في التغيير

يمتلك الشباب قدرة عالية على الفعل والتأثير، لما يتوافر لديهم من طاقة ومرونة واستعداد للتعلم والانخراط في الشأن العام.
غير أن هذه الطاقات، إذا لم يجر استثمارها ضمن أطر مؤسسية واضحة، قد تتحول إلى حالة إحباط أو انسحاب من المجال العام، بما يفتح المجال أمام:

  • التطرف

  • الهجرة

  • اللامبالاة السياسية

ومن هنا، يغدو الانتقال من منطق الاحتواء الرمزي للشباب إلى منطق التمكين الفعلي ضرورة ملحة في هذه المرحلة.

مقاربة شاملة لتمكين الشباب السوري

يتطلب تمكين الشباب السوري اعتماد مقاربة شاملة تقوم على:

  • الإعداد والتأهيل للمشاركة في الحياة السياسية والعامة

  • برامج تدريبية مخططة

  • آليات استراتيجية تعتمد الأسلوب العلمي في بناء القدرات القيادية وصناعة السياسات العامة

  • فهم السياقات المحلية والإقليمية والدولية

كما يستدعي ذلك إعادة النظر في بنية الأحزاب السياسية، والمؤسسات المدنية، والإدارات المحلية، بما يسمح بدمج الشباب على أساس الكفاءة والخبرة، لا على أساس الأقدمية أو الولاءات الضيقة.

أهمية المشاركة السياسية للشباب

تكتسب المشاركة السياسية للشباب أهمية خاصة في السياق السوري، باعتبارها:

  • أحد أشكال الديمقراطية التشاركية

  • أداة من أدوات الحكم الرشيد

  • آلية لـ الرقابة الشعبية على أداء السلطة

كما أن تفعيل هذه المشاركة يسهم في تقليص حالة الفراغ السياسي التي يعاني منها قطاع واسع من الشباب نتيجة سنوات طويلة من التهميش، ويعيد بناء الثقة بالعمل العام وبالمؤسسات السياسية.

 

الشباب والتنمية المستدامة

وتشير تقارير التنمية الإنسانية الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أن استمرار تهميش الشباب في المنطقة العربية يهدد بإفشال جهود التنمية والاستقرار، مؤكدة أن الشباب يشكلون عاملا محوريا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030.

ختامًا

يرتبط مستقبل سوريا بقدرتها على الانتقال من التعامل مع الشباب كقوة ظرفية إلى اعتبارهم شريكا دائما في الحكم والإدارة وإعادة البناء.