رئيس مخابرات الأسد المنفي وابن عمه الملياردير يخططان لانتفاضات في سوريا انطلاقاً من روسيا

فريق التحرير

تقرير مترجم من رويترز
بقلم فراس دلاتي وتيمور أزهري
5 ديسمبر 2025 – دمشق

من المنفى في موسكو، ينفق رئيس الاستخبارات السابق كمال حسن وابن عم الأسد الملياردير رامي مخلوف ملايين الدولارات في جهود متنافسة لتشكيل قوات مقاتلة تقود تمرداً على الساحل السوري. كما يتنافسان للسيطرة على شبكة من 14 غرفة قيادة سرية تحت الأرض مليئة بالأسلحة والذخائر بُنيت في الأيام الأخيرة من حكم الديكتاتور. وقد نشرت الحكومة السورية الجديدة أحد رفاق الأسد السابقين، صديق طفولة الرئيس الجديد، لتحييد المتآمرين.

شبكات تمويل وتمردات محتملة

وجد تحقيق أجرته رويترز أنّ شخصيات كانت ذات يوم مقربة من بشار الأسد، وفرّت من سوريا بعد سقوطه، تضخ ملايين الدولارات لعشرات الآلاف من المقاتلين المحتملين أملاً في إثارة انتفاضات ضد الحكومة الجديدة واستعادة بعض نفوذها المفقود.

يبدو أن الأسد، الذي فرّ إلى روسيا في ديسمبر الماضي، قد استسلم للعيش في المنفى في موسكو، بحسب أربعة مصادر مطلعة على أوضاع العائلة. لكن شخصيات أخرى من دائرته الضيقة، بما في ذلك شقيقه، لم تتقبل خسارة السلطة.

شخصان كانا من الأقرب إلى الأسد – اللواء كمال حسن والملياردير رامي مخلوف – يتنافسان لتشكيل ميليشيات في الساحل السوري ولبنان من أبناء الطائفة العلوية، التي ارتبطت طويلاً بعائلة الأسد. وبالمجمل، تموّل هاتان الشخصيتان وفصائل أخرى تسعى للنفوذ أكثر من 50 ألف مقاتل على أمل كسب ولائهم.

شقيق الأسد، ماهر الأسد، الموجود أيضاً في موسكو ويسيطر على آلاف الجنود السابقين، لم يقدّم مالاً أو أوامر حتى الآن، وفق المصادر.

جائزة الصراع: غرف القيادة السرية

جائزة الصراع الكبرى بين حسن ومخلوف هي شبكة من 14 غرفة قيادة تحت الأرض بُنيت في الساحل قرب نهاية حكم الأسد، إضافة إلى مخازن أسلحة. وأكد ضابطان ومحافظ سوري وجود هذه الغرف، وقد ظهرت تفاصيل عنها في صور اطلعت عليها رويترز.

تقول الباحثة أنصار شاهود:
“المنافسة مستمرة… لكنها لم تعد لإرضاء الأسد، بل للبحث عن بديل له والسيطرة على المجتمع العلوي.”

رؤى تنافسية من المنفى

كان حسن، رئيس الاستخبارات العسكرية للأسد، يرسل مكالمات ورسائل صوتية لقادة ومساعدين، غاضباً من فقدان نفوذه وراسماً رؤى متضخمة لحكم الساحل السوري.

أما مخلوف، ابن عم الأسد وصاحب إمبراطورية مالية ضخمة موّلت النظام خلال الحرب، والذي انتهى به الأمر تحت الإقامة الجبرية لسنوات، فيقدّم نفسه اليوم كشخصية مهدوية ستعود للحكم بعد معركة “نهاية الزمان”.

كلا الرجلين يقيم في موسكو، وكلاهما ينفق الملايين لبناء قوات في الساحل السوري، ولكل منهما نواب في روسيا ولبنان والإمارات.

ولإحباط مخططهما، استعانت الحكومة الجديدة بـخالد الأحمد، صديق طفولة الرئيس الجديد أحمد الشرع، والذي أصبح من أبرز وسطاء النظام القديم قبل أن ينشق. مهمته الآن إقناع العلويين بأن مستقبلهم مع “سوريا الجديدة”.

تفاصيل المؤامرة

استند التحقيق على مقابلات مع 48 شخصاً لديهم معرفة مباشرة بخطط الفصائل المتنافسة، إضافة إلى وثائق مالية وتشغيلية ورسائل صوتية ونصية.

وقال محافظ طرطوس أحمد الشامي إن السلطات على علم بهذه الخطط، مؤكداً أن الغرف السرية موجودة لكنها ضعفت كثيراً.

ورغم أن فرص نجاح انتفاضة واسعة تبدو منخفضة، إلا أنّ وجود عشرات آلاف المقاتلين المحتملين، وتمويل كبير، ونزاعات داخل الطائفة العلوية، كلها عوامل قد تشعل اضطرابات جديدة.

الحكومة الجديدة التي يقودها الرئيس أحمد الشرع – قائد “القاعدة” السابق الذي أطاح بالأسد – تواجه أصلاً توترات طائفية مستمرة.

قوات قيد التكوين

يقول حسن إن لديه 12 ألف مقاتل، بينما يزعم مخلوف أن لديه 54 ألفاً، وفق وثائق داخلية.

لكن القادة على الأرض يقولون إن المقاتلين يتلقون رواتب زهيدة، وإنهم يقبلون أموالاً من الطرفين.

كما أكد محافظ طرطوس أن المقاتلين المحتملين قد يصل عددهم إلى عشرات الآلاف.

ورغم المخاطر، يعدّ قادة التمرد العلويين بالحماية في حال المواجهة.

شهد الساحل السوري احتجاجات واسعة في 25 نوفمبر، شارك فيها الآلاف للمطالبة بزيادة الحكم الذاتي، والإفراج عن المعتقلين، وإعادة المختطفات. لم يكن مخلوف ولا حسن خلف الاحتجاجات.


شبكة غرف القيادة السرية

تشير وثائق من يناير 2025 إلى خطط لبناء قوة من 5,780 مقاتلاً تزودهم غرف القيادة بمعدات واتصالات وطاقة شمسية.

الغرف تمتد على مسافة 180 كم في الساحل، وهي ما تزال عاملة لكنها شبه مهجورة.

أحد القادة وصفها بأنها:
“جزيرة الكنز… والجميع يحاول الوصول إليها.”


مخلوف: عودة “صبي الساحل”

في 9 مارس، ظهر مخلوف معلناً نفسه “صبي الساحل”، مدّعياً أنّ الله أوكل إليه مهمة إنقاذ العلويين.

كان مخلوف قد هيمن على اقتصاد سوريا لعقود، قبل أن يستولي الأسد على شركاته ويضعه تحت الإقامة الجبرية.

فرّ إلى لبنان بسيارة إسعاف مع سقوط دمشق، بينما قُتل شقيقه إيهاب عند الحدود.

يقيم مخلوف اليوم في الطابق الخاص بفندق “راديسون” في موسكو، ويؤمن بأنه يلعب دوراً في نبوءة شيعية عن هرمجدون، حيث سيموت الشرع “السفياني”.

وقد أنفق ما لا يقل عن 6 ملايين دولار على رواتب، بحسب جداول دفع ووثائق اطلعت عليها رويترز.
لكن الأموال التي يقدمها لمقاتليه لا تتعدى 20–30 دولاراً شهرياً.


حسن: تجنيد، اختراقات إلكترونية، وتمويل

حسن، الذي أشرف سابقاً على نظام السجون العسكري للأسد، فرّ إلى سفارتي الإمارات ثم روسيا قبل انتقاله لإقامة فاخرة في ضواحي موسكو.

أنفق ما لا يقل عن 1.5 مليون دولار منذ مارس لتمويل 12 ألف مقاتل في سوريا ولبنان.

قال في رسالة صوتية:
“اصبروا يا قومي ولا تسلموا سلاحكم… أنا من سيعيد لكم كرامتكم.”

أسّس جمعية خيرية “تنمية غرب سوريا” كغطاء للتأثير على العلويين، وتبرعت بـ80 ألف دولار لإيواء 40 أسرة.
كما جنّد نحو 30 هاكراً لشن هجمات على الحكومة الجديدة. وتم بالفعل بيع قواعد بيانات حكومية مسروقة عبر الشبكة المظلمة.


ماهر الأسد: الورقة الغائبة – حتى الآن

ماهر الأسد، قائد الفرقة الرابعة سابقاً، ما يزال يملك شبكة مالية واسعة، ويستطيع نظرياً تحريك 25 ألف مقاتل يدينون له بالولاء.
لكن حتى الآن، لم يتخذ قراراً بدعم أي طرف.


الموقف الروسي

يحاول مخلوف وحسن كسب دعم موسكو، لكن الروس لم يقدموا دعماً علنياً.

قدّم ضابط سوري يحمل الجنسية الروسية، أحمد الملة، وساطة لعقد اجتماعات بين الروس وممثلي مخلوف وحسن، لكن الاجتماعات أصبحت نادرة بعد زيارة الرئيس الشرع لموسكو في أكتوبر.

يقول أحد الدبلوماسيين:
“رسالة الكرملين واضحة: لا أحد قادم لإنقاذ العلويين.”


خالد الأحمد: رجل الشرع في الساحل

منذ أحداث مارس، تعتمد الحكومة على خالد الأحمد لتهدئة الساحل.

كان الأحمد من رجال الأسد المقربين قبل أن ينقلب عليه وينضم للشرع عام 2021.
يركز اليوم على تشغيل العاطلين وتمويل مشاريع اقتصادية لتخفيف التوتر.

اعتقلت الحكومة في أكتوبر خلية قالت إن مخلوف يمولها، كانت تخطط لاغتيال صحفيين ونشطاء.


غرف السلاح تحت الأرض: في انتظار لحظة الانفجار

 

لا تزال مخازن السلاح والغرف المحصنة تنتظر من يستخدمها، لكن القادة المحليين يقولون إن الوقت لم يحن بعد.