أزمة المفاضلة الجامعية في شمال سوريا تهدد أحلام الطلاب وتثير غضب الأهالي

الكاتب : أحمد السخني

تفاقمت حالة القلق بين طلاب الثانوية مع صدور نتائج المفاضلة الجامعية في شمال سوريا، بعد أن تسبب خصم درجات مادة الديانة من المجموع الكلي في تراجع فرص قبول آلاف الطلاب في الفروع التي حلموا بها، ما دفعهم للمطالبة بإعادة النظر في آلية الاحتساب.

احتساب الدرجات يشعل الجدل حول المفاضلة الجامعية في شمال سوريا

لم تكن نتائج المفاضلة الأخيرة مجرد إعلان اعتيادي، بل شكلت صدمة واسعة للطلاب والأهالي على حد سواء. بحسب ما أكده عدد من الطلاب الذين تحدثنا إليهم، فإن قرار خصم درجات مادة الديانة من المجموع الكلي غيّر مسار أحلامهم خلال لحظات. كثيرون رأوا أن هذا التغيير المفاجئ لا يتناسب مع الجهد الذي بذلوه طوال عام دراسي كامل، ولا مع الظروف الصعبة التي يعيشها الطلاب في مناطق شمال سوريا.

محمد العلي، أحد الطلاب المتضررين، عبّر عن إحباطه قائلاً: “كنت أحلم بالفرع الذي أطمح له طوال العام، لكن خصم درجات مادة الديانة قلب كل شيء. كل ما أطلبه هو حقي الأكاديمي دون أي واسطة.” ويبدو أن تجربة محمد ليست فردية، بل هي قصة مشتركة تتكرر على ألسنة كثير من الطلاب الذين باتوا يشعرون بأن مستقبلهم مهدد بقرار إداري غير مدروس.

أما الطالبة رنا مصطفى، فقد بدت أكثر هدوءًا وإن كان ذلك يخفي قلقًا واضحًا. قالت بابتسامة حزينة: “نكرس وقتنا للدراسة والامتحانات، وفجأة قرار واحد يهدد كل مجهودنا. نتمنى أن تسمع الوزارة صوتنا قبل أن تضيع فرصنا.” كلمات رنا تعكس شعورًا عامًا بعدم العدالة، وهو ما يظهر جليًا في أحاديث الطلاب وأهاليهم.

ومن بين الشهادات المؤثرة، يروي طالب آخر قصته قائلاً: “هذا ليس مجرد درجات، هذا مستقبلنا وحلمنا الذي نحاول تحقيقه منذ سنوات، وفجأة أصبح كل شيء مهددًا.” مثل هذه الشهادات تظهر حجم الصدمة التي أحدثها القرار، وكيف باتت المفاضلة الجامعية في شمال سوريا نقطة توتر كبيرة بدل أن تكون بوابة للأمل.

الأهالي بدورهم يعيشون حالة مماثلة من القلق. إحدى الأمهات قالت بعينين دامعتين: “ابني درس طوال العام بجد، وها نحن نرى حلمه يتلاشى بسبب قرار لم نكن نعلم به.” بينما أضاف والد أحد الطلاب: “العدالة الأكاديمية ليست مجرد كلمات، إنها مستقبل أولادنا. نريد شفافية حقيقية في احتساب الدرجات لضمان تكافؤ الفرص.”

ويبدو أن المخاوف لا تقتصر على الطلاب والأهالي فقط. خبراء تربويون أكدوا أن أي تفاوت غير مبرر في آلية احتساب الدرجات قد يزيد من شعور الإحباط لدى الطلاب، ويؤثر على مسارهم التعليمي والمهني مستقبلًا، خصوصًا في ظل الواقع المعقد الذي تعيشه المؤسسات التعليمية في شمال سوريا. أحد الخبراء لفت إلى أن “أي تغيير غير واضح في نظام المفاضلة قد يخلق فجوة ثقة بين الطلاب والجهات التعليمية”.

وبحسب ما رصدناه ميدانيًا، تتلخص مطالب الطلاب وذويهم في ثلاث نقاط واضحة: إعادة احتساب درجات مادة الديانة ضمن المجموع الكلي، توضيح أسباب التعديل المفاجئ، وتعديل الحد الأدنى للقبول بما يضمن تكافؤ الفرص. هذه المطالب، كما يبدو، لا تخرج عن إطار تحقيق العدالة الأكاديمية والحفاظ على مستقبل آلاف الطلاب.

رغم كل ما يواجهه الطلاب من صعوبات وضغوط، ما يزال الأمل حاضرًا في عيونهم. يترقبون تدخلًا سريعًا من وزارة التعليم العالي لإعادة الأمور إلى نصابها، وتصحيح مسار المفاضلة الجامعية في شمال سوريا بما يضمن الشفافية والإنصاف. فالقضية بالنسبة لهم ليست مجرد أرقام، بل مستقبل كامل يتشكل عند مفترق حساس من حياتهم.