لقاء الرئيس الشرع وعضو الكونغرس برايان ماست... كواليس دبلوماسية واقتصادية تكشف ملامح مرحلة جديدة في العلاقات السورية الأميركية
لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع مع عضو الكونغرس الأميركي برايان ماست فتح الباب أمام مرحلة جديدة من العلاقات السورية الأميركية، بعد سلسلة اجتماعات سياسية واقتصادية عكست مؤشرات انفتاح غير مسبوقة بين دمشق وواشنطن، وفق مصادر مطلعة على مجريات الزيارة.
الكواليس السياسية والاقتصادية للقاء الرئيس الشرع في واشنطن
تشير المعلومات الواردة من العاصمة الأميركية إلى أن زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن لم تكن بروتوكولية كما بدا في العلن، بل حملت أبعاداً استراتيجية تتعلق بمستقبل التعاون الأمني والاقتصادي. فقد جرى تنظيم لقاءين متتاليين في مبنى واحد، الأول سياسي موسّع برعاية السفير الأميركي توم باراك، والثاني اقتصادي استثماري ضم رجال أعمال من الجانبين السوري والأميركي.
الاجتماع السياسي الأول حضره عدد من أعضاء الكونغرس البارزين، من بينهم جو ويلسون ومارلين ستاتزمان، إضافة إلى أعضاء مجلس الشيوخ مارك مولين وجوني إرنست وريتشارد بلومنتال. وتناول النقاش آفاق التعاون الأمني وسبل دعم الاستقرار في سوريا بعد سنوات الحرب والعقوبات. وبحسب أحد الحاضرين، فقد كان النقاش “صريحاً وإيجابياً على نحو غير مسبوق”.
أما اللقاء الاقتصادي، فحمل طابعاً عملياً واضحاً. فقد أُعلن خلاله عن نية توقيع عقود بمئات ملايين الدولارات بين ممثل الصندوق السيادي السوري وعدد من الشركات الأميركية. وشارك في هذا الاجتماع عضوا الكونغرس برايان ماست ومارلين ستاتزمان، إلى جانب وفد من رجال الأعمال السوريين الأميركيين الذين لعبوا دوراً في بناء جسور الثقة.
الكواليس تشير إلى أن الدكتور طارق كتيلة كان له دور محوري في ترتيب اللقاء الاقتصادي، إلى جانب جاسمين وطارق نعمو اللذين أسهما في إقناع عضو الكونغرس ماست بالمشاركة. كما وجه الدكتور غسان عبود، رئيس صندوق التحوط الاستثماري السوري الأميركي، دعوة رسمية للنائبة ستاتزمان للحضور، ما أضفى على الاجتماع بعداً مؤسساتياً متقدماً.
مصادر متابعة أكدت أن انضمام الرئيس الشرع إلى الاجتماع الاستثماري جرى بعد تنسيق سريع بين مكتبه ووزارة الخارجية السورية بإشراف قتيبة أدلبي ومحمد القناطري، ما يعكس اهتماماً رئاسياً مباشراً بالملف الاقتصادي في العلاقات الثنائية.
تحول في المزاج السياسي الأميركي تجاه دمشق
عقب اللقاء، عبّر النائب برايان ماست عن تفاؤله إزاء “الجهود السورية الرامية إلى إعادة بناء جسور التواصل”، مؤكداً أن الحوار المباشر هو السبيل لتجاوز الخلافات القديمة. ورغم عدم صدور مواقف رسمية جديدة حتى الآن، إلا أن مراقبين يرون أن داخل الكونغرس الأميركي بدأت تتشكل ملامح تيار أكثر مرونة تجاه سوريا.
من جانبها، أوضحت منظمات سورية ناشطة في الولايات المتحدة، مثل منظمة “ساب” (SAP)، أن هذه اللقاءات تمهد لانخراط أوسع في الحوار مع المؤسسات الأميركية بهدف رفع العقوبات وإعادة دمج الاقتصاد السوري في النظام المالي العالمي. وتعمل هذه المنظمات حالياً على بناء شراكات مع شركات ضغط أميركية قريبة من دوائر صنع القرار في واشنطن لدعم هذا المسار.
يبدو أن اللقاء بين الرئيس أحمد الشرع وعضو الكونغرس برايان ماست لم يكن مجرد حدث سياسي عابر، بل خطوة محسوبة ضمن مسار متدرج نحو إعادة رسم العلاقات السورية الأميركية على أسس جديدة من التعاون والمصالح المشتركة. وإذا ما استمرت المؤشرات الحالية، فقد يشهد العام المقبل بداية مرحلة سياسية واقتصادية مختلفة تضع نهاية لعقود من القطيعة والتوتر بين البلدين.






