الحسكة… مدينة فوق النفط وتحت خط الفقر

فريق التحرير

تعيش محافظة الحسكة اليوم واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخها، إذ تتصاعد مؤشرات مجاعة الحسكة مع انعدام المواد الغذائية وغياب الدعم الإنساني، وسط فقرٍ مدقع ومعاناةٍ تمتد من البيوت إلى طوابير الخبز والمياه.

الأهالي بين الجوع وانقطاع الماء والكهرباء

تصل يوميًا عشرات الرسائل والفيديوهات من سكان الحسكة توثّق معاناة الأطفال والنساء الذين يبيتون ليالي طويلة بلا طعام أو خبز. المدينة التي كانت تُعرف يومًا بأنها “سلة سوريا الغذائية” باتت تعيش على فتات المساعدات، بعد أن تفاقم الفقر وانهارت القدرة الشرائية.
الانقطاع المستمر للكهرباء والماء جعل الحياة شبه مستحيلة، فيما ترتفع الأسعار بوتيرة لا يمكن مواكبتها.
يقول أحد السكان:

نقف ساعات في طوابير الخبز، وفي النهاية نحصل على كيس صغير لا يكفي العائلة ليوم واحد

سيطرة “قسد” وغياب العدالة في توزيع الموارد

منذ أكثر من عقد، تسيطر قوات قسد على موارد الحسكة، وتتحكم في النفط والقمح والقطن، بينما يعيش السكان في فقرٍ غير مسبوق. العائدات، بحسب شهادات محلية، تُصرف في مجالات سياسية وعسكرية بدلاً من دعم الأهالي.
يقول أحد العمال: “من يملك ابنًا متطوعًا يحصل على راتب بسيط، أما من لا يملك فمصيره الجوع.” هكذا تحوّلت الحسكة، التي كانت مصدر رزق سوريا، إلى منطقة منكوبة ومحرومة من خيراتها.

أزمة المياه والوقود تزيد المعاناة

توقف محطة علوك المتكرر جعل الحصول على مياه صالحة للشرب تحديًا يوميًا. ومع ندرة الوقود وارتفاع أسعاره الخيالية، لم يعد بإمكان الناس الطهو أو التدفئة مع اقتراب فصل الشتاء.
يقول أحد الأهالي بأسى:

نعيش فوق النفط، لكن لا نجد لتراً من المازوت لتدفئة أطفالنا.

تحذيرات من كارثة إنسانية شاملة

المنظمات الإنسانية حذّرت مؤخرًا من تفاقم الوضع واحتمال وقوع مجاعة الحسكة، خاصة أن أكثر من 70% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، فيما تتجاوز البطالة 80%. المساعدات التي تصل قليلة وغالبًا ما تُحوّل إلى مناطق أخرى. ومع كل يوم يمر، يتزايد الغضب واليأس في أصوات الأهالي الذين يطالبون فقط بـ“العيش بكرامة وخبز لأطفالهم”.

بين الجوع والصمت الدولي، تقف الحسكة اليوم على حافة الانفجار الإنساني. مدينة كانت تطعم سوريا، أصبحت تبحث عمّن يطعم أبناءها. ومع استمرار تجاهل معاناة سكانها، تبدو مجاعة الحسكة علامة مؤلمة على التدهور الإنساني الذي يهدد الشمال الشرقي بأكمله