قسد… وهم التحرير واستعباد المرأة تحت شعارات زائفة
فريق التحرير
تُقدِّم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) نفسها بوصفها حاملة لمشروع “تحرير المرأة”، رافعةً شعارات المساواة والتمكين، لكنّ الواقع الميداني يكشف عن وجهٍ آخر أكثر قسوة، حيث يتحول هذا “التحرر” المزعوم إلى شكلٍ جديد من الاستعباد تحت شعارات زائفة تخفي خلفها مشروعًا أيديولوجيًا بعيدًا عن قيم المجتمع والدين.
المرأة بين شعارات قسد وواقع الاستغلال
منذ تأسيسها، تبنّت قسد الفكر الأيديولوجي المستمد من حزب العمال الكردستاني (PKK)، الذي أسّس رؤيته على فكرة “تحرر الجسد” بوصفه مدخلًا لتحرر الإنسان. غير أن هذا المفهوم المشوّه للحرية أعاد صياغة الوعي الجمعي في مناطق سيطرة قسد، فباتت المرأة وسيلة دعائية تُستخدم لترويج صورة مزيفة للحداثة أمام المجتمع الدولي.
لقد عمل عبدالله أوجلان، مؤسس الحزب، على ترسيخ فكرٍ يقوم على فصل الإنسان عن عقيدته ودينه وأخلاقه، وهو ما ورثته قسد وطبّقته على نحوٍ مباشر، عبر مؤسساتها العسكرية والمدنية التي تستهدف الفتيات الصغيرات من خلال برامج “التثقيف الثوري” وورش “تمكين المرأة”، بينما الهدف الحقيقي هو إعداد جيلٍ من المقاتلات الخاضعات فكريًا للحزب.
تُستدرج الفتيات بعناوين براقة مثل “التحرر من القيود الاجتماعية” أو “إثبات الذات”، ثم يُعزلن عن أسرهن ويُخضعن لدورات مغلقة تُعيد تشكيل أفكارهن بعيدًا عن الدين والعرف. وبحسب شهاداتٍ من داخل مناطق سيطرة قسد، فإن العديد من الفتيات القاصرات جرى تجنيدهن قسرًا ضمن ما يُعرف بـ”الشبيبة الثورية”، وهي ذراع أيديولوجية للحزب تُشرف على عمليات التعبئة الفكرية والنفسية.
تتحول تلك الدورات إلى عملية “غسلٍ للهوية”، حيث يُزرع في أذهان الفتيات أن التمرد على الأسرة والمجتمع هو الطريق إلى الحرية، وأن الجسد هو رمز الاستقلال. وهكذا يُعاد تعريف الكرامة والحرية وفق معايير دخيلة تُفرغ المرأة من جوهرها الإنساني.
من الناحية الاجتماعية، تمثل ممارسات قسد اعتداءً ممنهجًا على هوية المجتمع، إذ تحاول فرض نموذجٍ ثقافي غريب عن البيئة العربية والكردية والإسلامية التي كرّمت المرأة واعتبرتها شريكة في البناء والعطاء. فالمرأة في ثقافتنا ليست وسيلة للدعاية ولا أداة لتحقيق مكاسب سياسية، بل هي عماد الأسرة ومصدر الرحمة والاستقرار.
وفي المقابل، اختزلت قسد المرأة إلى مجرد “رمز إعلامي” يُقدَّم للعالم كصورة تجميلية لمشروعٍ سياسي يقوم على الاستغلال لا التمكين. فبينما تُرفع الشعارات باسم المساواة، تُسلب إرادة الفتيات باسم “الوعي الثوري”، في مفارقةٍ تكشف جوهر هذا المشروع القائم على الخداع.
في نهاية المطاف، يبدو أن مشروع “تحرير المرأة” الذي تروّج له قسد ليس سوى وهمٍ يهدف إلى شرعنة السيطرة الفكرية والاجتماعية على فئةٍ حساسة من المجتمع. فالحرية الحقيقية لا تُصادر الإرادة، ولا تُختزل في الجسد أو التمرد، بل تنبع من القيم والإيمان والكرامة الإنسانية. والمرأة الحرة هي التي ترفض أن تكون سلعة في سوق الشعارات، وتحافظ على إنسانيتها ودينها رغم كل محاولات التغرير والاستغلال.






