الجنوب السوري بلا حماية: إسـرائـ..ـيل تعمق وجودها والأهالي يواجهوها بـ”فزعات شعبية”
الكاتبة : دينا بطحيش
تزايدت اعتداءات الجانب الإسرائيلي على سوريا منذ سقوط نظام الأسد، حيث دمرت نحو 80% من الأسلحة العسكرية الإستراتيجية إلى جانب تدمير شبه كامل للقوات الجويّة والأسطول البحري السوري، في ظل انعدام رد الفعل من قبل الحكومة السورية.
إسرائيل تتوغل داخل درعا وتنصب نقاط عسكرية
شهدت بلدات ريف درعا الغربي جنوبي سوريا، فجر اليوم الثلاثاء، تحركات عسكرية إسرائيلية حيث توغلت قوة إسـرائيلية تضم نحو 30 جنديًا في موقع سرية “الدرعيات” قرب قرية المعلقة بريف القنيطرة.
كما قامت القوات الإسرائيلية بنصب حاجزين عسكريين بالقرب من قرية “كويا” غربي درعا كل منهما ضمَّ خمس آليات ثقيلة.
مساعي لفرض منطقة منزوعة السلاح
للوقوف بشكل أدق على تفاصيل الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب السوري، قال الصحفي “جهاد العبدالله” بتصريح خاص لـ Syria Platform: “إنَّ التوغلات الإسرائيلية المتكررة منذ سقوط نظام الأسد، تستند إلى هدفين رئيسيين: الأول يتمثل في تمشيط المنطقة من السلاح ومنع أي وجود عسكري أو انتشار للأسلحة بمختلف أنواعها، في محاولة لفرض واقع يشبه “منطقة منزوعة السلاح” عبر القوة العسكرية الإسرائيلية.
أما الهدف الثاني فيتعلق ببناء علاقات مع أبناء المنطقة من خلال التقرب إليهم، والحصول منهم على معلومات عن التواجد والنشاط العسكري هناك.
ويُضاف إلى ذلك احتمال وجود هدف ثالث خفي يتمثل بمحاولة تجنيد عملاء تابعين لها.
تل أبيب تبني خرائط دقيقة للجنوب تمهيدًا لسيناريوهات تفاوض أو حرب
لا تكتفي القوات الإسرائيلية بمجرد البحث عن السلاح، بل تقوم بين الحين والآخر بعمليات إحصاء عسكرية ومدنية، ويُعتقد أن الهدف منها هو بناء خرائط دقيقة للمنطقة، يمكن استخدامها في حال أفضت المفاوضات مع السلطات السورية إلى اتفاقية تخص المنطقة مستقبلًا، أو بحال نيتها شنّ عمل عسكري كبير.
كويا.. مثلث استراتيجي على الحدود بين الجولان والأردن وسوريا
ليس التوغّل الأول من نوعه، فالبلدة الواقعة على المثلث الحدودي بين الجولان والأردن، والمطلّة على منطقة وادي اليرموك، تُعد منطقة استراتيجية مميزة بحكم ارتفاعها وموقعها الحساس في زاوية الخريطة السورية.
وأشار “العبدالله” إلى أنه لا يوجد في هذه المنطقة أي تواجد لقوات عسكرية أو أمنية حكومية منذ سقوط النظام السابق، لكن قد يتوافر لدى بعض الأهالي سلاح فردي.
مقاومة محلية تواجه التوغلات
ظهر بعض السلاح خلال اقتحام القوات الإسرائيلية لبلدة كويا في مارس الفائت، عندما واجه شبان من أبناء البلدة القوات الإسرائيلية وحاصروها، ما تسبب باندلاع اشتباك أسفر عن قتلى وجرحى من المدنيين نتيجة قصف إسرائيلي عنيف.
منذ ذلك الحين، لم تشهد البلدة أي مواجهات عسكرية، إذ واصلت القوات الإسرائيلية توغلاتها بشكل متواتر دون مقاومة من قبل الجانب السوري، مع إقامة حواجز عسكرية مؤقتة، وتفتيش المارة، واستجاوبهم بحثًا عن مسلحين أو عن وجود أنشطة عسكرية، إلى جانب محاولاتهم استمالة الأهالي.
تل أبيب لا تخوض حرب شاملة.. لكنها ترسم حدود نفوذها الجديد
تقع سرية “الدرعيات” قرب بلدة “المعلقة” في ريف القنيطرة، ضمن منطقة متداخلة بين ريف درعا الغربي وريف القنيطرة الجنوبي، وعلى مقربة من خط وقف إطلاق النار؛ حسب اتفاقية 1974 قرب حدود الجولان.
وسبق للقوات الإسرائيلية أن دمرت هذه السرية التي كان يستخدمها النظام السابق قبل عام 2011، ثم ظلت فارغة حتى عام 2018 عند عودة النظام السوري السابق للسيطرة على المنطقة، ولم يكن فيها أي سلاح ثقيل أو متوسط، إذ اقتصرت مهام عملها على الرصد.
لاحقًا، قامت إسرائيل بجرفها وتدميرها بالكامل، كما فعلت مع العديد من المواقع العسكرية الأخرى في المنطقة.
محاولات لإستمالة الأهالي
التحركات العسكرية الإسرائيلية داخل الجنوب السوري لا تبدو عملًا عسكريًا مطلقًا، لكنها متواصلة مع الحشود من جهة الجولان منذ أشهر، واستمرار التوغلات قرب الشريط الحدودي بعمق لا يتجاوز 5 كيلومترات؛ بعد خط ألفا لوقف إطلاق النار لعام 1974.
توحي بأنَّ إسرائيل تخطط للبقاء أو للإشراف عسكريًا وأمنيًا على هذه المنطقة، ومن المرجح أن يبقى الوضع على هذا النحو من توغل وتراجع وإقامة حواجز مؤقتة، حتى التوصل إلى اتفاق سياسي أو أمني مع السلطات السورية في حال تحقق. حيث لا توجد أي تحركات عسكرية من قبل الجيش أو القوات الأمنية السورية الجديدة في كلا محافظتي درعا والقنيطرة.
الأهالي بمواجهة مباشرة مع إسرائيل
تظهر التحركات الشعبية على شكل “فزعات” خلال الأزمات الطارئة، كما حدث خلال أعمق توغل إسرائيلي شهده الجنوب، حين وصلت القوات إلى مشارف مدينة نوى بريف درعا الغربي بعمق 10 كيلومترات في أبريل الفائت.
عندها تداعى أبناء المنطقة وحملوا السلاح لمواجهة القوات الإسرائيلية في منطقة “حرش تسيل”، ما أدى إلى سقوط أكثر من 12 قتيلًا وعدد من الجرحى نتيجة القصف الإسرائيلي العنيف.
يتهيأ سكان درعا والقنيطرة في أي لحظة لأعمال عسكرية إسرائيلية، لكن من دون استعدادات شعبية منظمة، ويعتمدون على “الفزعات” في مواجهة الطوارئ، نتيجة رفضهم القاطع تسليم مناطقهم للاحتلال بعد أن قاوموا على أرضها لسنوات كلًا من نظام الأسد وروسيا وإيران وميليشياتها.
تحركات منفردة لإسرائيل
وبشأن وجود تنسيق إسرائيلي ـ أردني خلال هذه التوغلات، قال “العبدالله”: ” لا أعتقد وجود أي تنسيق مشترك، إذ أن إسرائيل لا تنسّق مع أي طرف إقليمي في ملف الجنوب السوري، وتسعى لفرض أمر واقع جديد بقوة التهديد والسلاح.
كذلك، من غير المرجح أن تمنح أهمية لتنسيق خطواتها مع الجانب الأمريكي، خصوصًا بعد أن سحبت واشنطن يدها من الجنوب السوري منذ عام 2018، وبعدها تولّت روسيا الملف الأمني هناك، ومع سقوط نظام الأسد، نشأ فراغ أمني تعمل إسرائيل على استغلاله بشتى الطرق.
يذكر أن وسائل إعلام دولية ومحلية نقلت تصريحات للرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”؛ ادّعت فيها اعتراف واشنطن بسيادة إسرائيل على الجولان، إلّا أن الاعتراف ليس جديدًا، إذ يعود إلى العام 2019 عندما وقّع ترامب قرارًا يعترف بسيادة إسرائيل على الجولان السوري، وذلك بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.