اقصاء معلمي الرقة والحسكة فضحية تربوية ام تمييز متعمد
الكاتب: أحمد السخني
لم يكن الطريق سهلًا أمام مئات المعلمين في محافظة الرقة منذ لحظة فصلهم التعسفي قبل أكثر من عشر سنوات.
كثيرون منهم وجدوا أنفسهم مضطرين للعمل في مهن لا تمت للتعليم بصلة، فقط لتأمين لقمة العيش.
ومع صدور قرار وزارة التربية بإعادة جميع المفصولين إلى وظائفهم عاد الأمل من جديد، وبدأ هؤلاء المعلمون يحلمون بالعودة إلى الصفوف لاستعادة مكانتهم الطبيعية بين طلابهم وإعادة شيء من الاستقرار إلى أسرهم.
لكن هذا الحلم سرعان ما تحول إلى خيبة كبيرة.
فبعد إدراج أسمائهم في القوائم الأولية والنهائية أسوة بزملائهم في باقي المحافظات، فوجئ المعلمون عند صدور قرار المباشرة بأن قوائم الرقة والحسكة قد حُذفت بالكامل.
لم يكن الأمر خطًأ إداريًا عابرًا، بل بدا وكأنه إقصاء متعمد ترك أكثر من 2200 معلم في حالة صدمة وحيرة.
انتظار ووعود لم تتحقق
مع تصاعد الغضب أُطلقت حملات إلكترونية واسعة طالبت بإنصاف معلمي الرقة والحسكة، وردت الوزارة ومديرية التربية بوعود أن القوائم ستصدر خلال يوم واحد.
لكن الانتظار امتد عشرة أيام كاملة عاش خلالها المعلمون وأسرهم حالة من القلق، على أمل أن يكون التأخير مجرد إجراء إداري.
إلا أن النتيجة كانت إعلان قوائم جديدة ضمت فقط نحو 600 اسم من المسجلين حديثًا عبر التسجيل الورقي، بينما تم تجاهل آلاف المعلمين الذين سبق أن أُدرجت أسماؤهم رسميًا منذ أشهر.
هذا القرار لم يترك المعلمين في حالة استياء فحسب، بل زاد من شعورهم بالظلم والتمييز.
يقول محمد الخلف، أحد المعلمين، إن أبناءه فرحوا عندما وجدوا اسمه في القوائم الأولى وبدأوا يعدون الأيام لعودته إلى مدرسته، لكن القرار الأخير كان بمثابة “صفعة” قضت على كل الآمال.
مطالب واضحة وإصرار على الحق
اليوم يرفع معلمو الرقة مطالبهم بوضوح: إعادة نشر قوائم أسمائهم كاملة، وإرجاعهم إلى وظائفهم أسوة بزملائهم في بقية المحافظات، وإنهاء ما يصفونه بالتمييز المتعمد بحق الرقة والحسكة، إضافة إلى محاسبة المسؤولين عن عرقلة القرارات وحرمان آلاف الأسر من مصدر رزقها.
ورغم طول سنوات المعاناة، يؤكد المعلمون أنهم سيواصلون تحركهم السلمي والقانوني حتى استعادة حقوقهم كاملة. فالقضية بالنسبة لهم لم تعد مسألة راتب شهري أو وظيفة فقط، بل قضية كرامة وعدالة، ورسالة إلى المجتمع بأن حقوق الناس لا يمكن أن تُنتزع بقرارات تعسفية.
معلمو الرقة يصرون اليوم على أن يعود صوتهم ليسمع، وأن تُفتح أبواب المدارس أمامهم من جديد، لا كأفراد يطالبون بلقمة العيش فحسب، بل كمعلمين آمنوا برسالتهم ويرون أن مكانهم الطبيعي هو داخل الصفوف، حيث يزرعون العلم والأمل في نفوس الأجيال القادمة.