أكثر من 13 عامًا على مجزرة الجورة والقصور: أهوال لا تُنسى

الكاتبة : صفا عبد التركي

تحل اليوم الذكرى الثالثة عشر لمجزرة الجورة والقصور في مدينة دير الزور، واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد بحق المدنيين السوريين، والتي صدمت الرأي العام العالمي بوحشيتها. في 25 سبتمبر/أيلول 2012، اقتحمت قوات الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة، بدعم من ميليشيات إيرانية، حيي الجورة والقصور وسط حصار شامل للمدينة بمئات الدبابات وآلاف الجنود.
كانت مدينة دير الزور آنذاك تعج بالثورة، حيث خرج عشرات الآلاف من المدنيين في مظاهرات سلمية ضد النظام. استشعر النظام الخطر، فقرر الرد بعنف مفرط لكسر إرادة السكان.

في صباح 25 سبتمبر/أيلول ، اقتُحمت الأحياء بقصف مدفعي، قبل أن تنتشر الدبابات في الشوارع وترافقها سيارات تحمل عناصر الحرس الجمهوري، الذين استخدم بعضهم السيوف في أعمال القتل المباشر. أسفرت العملية عن مقتل أكثر من 400 مدني، معظمهم من الشباب دون سن الأربعين.

الانتهاكات تضمنت الذبح بالسكاكين والحرق في الأفران، إضافة إلى استخدام مواد كيميائية في بعض الحالات حسب شهادات الناجين. حيث روى أحد الناجين: “أخرجوا عمال فرن النعمة، رشوهم بمادة بيضاء وأحرقوهم جميعًا.”

المسؤولون عن المجزرة

قاد المجزرة العقيدان علي خزام وعصام زهر الدين تحت إشراف اللواء جامع جامع رئيس فرع الأمن العسكري، وبمباركة المحافظ سمير عثمان الشيخ. استهدفت المجزرة تفريق المتظاهرين وفرض الخوف، لكنها أظهرت وحشية النظام المطلقة.

وبعد سقوط النظام في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، بدأت شهادات جديدة بالظهور، إذ كشف الأهالي عن أسماء لم توثق سابقًا وعن مجازر داخل المنازل والمساجد والمخابز، بما في ذلك حرق المدنيين في المشافي الميدانية أو دفن بعضهم في المقابر الجماعية جنوب المدينة الجامعية.
 
حيث توثق الحصيلة المرعبة:
  • 20 جثة أُحرقت داخل المشفى الميداني بالجورة.
  • 30 جثة قرب معمل البلاط
  • و30 قرب جامع قباء.
  • 15 جثة داخل مسجد المهاجرين
  • و8 داخل مخبز النعمة
  • و4 أشخاص أُحرقوا داخل سيارة.
  • اكتشاف 84 جثة في منطقة المقابر بعد انسحاب القوات،شملت أطفالًا ونساء وشيوخًا أُعدموا ميدانيًا أثناء محاولتهم الفرار.
علي خزام وعصام زهر و اللواء جامع جامع

متابعة العدالة: اعتقال سمير عثمان الشيخ

تمكنت السلطات الأمريكية بتاريخ 17 يوليو/تموز 2024 من اعتقال العميد المتقاعد سمير عثمان الشيخ، محافظ دير الزور السابق، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بعد أن وصل إلى الولايات المتحدة عام 2022 مع عائلته. لعبت منظمات حقوقية مثل المركز السوري للإعلام وحرية التعبير والمنظمة السورية للطوارئ (SETF) دورًا حاسمًا في توثيق الجرائم وجمع الشهادات، مما ساهم في بناء قضية قوية ضده.

يمثل هذا الاعتقال رسالة قوية لكل من تورط في جرائم ضد الإنسانية بأن العدالة ستلاحقهم مهما حاولوا الهرب.

أكثر من 13 عامًا مرت على هذه المأساة، وما زالت آثارها حاضرة في وجدان أهالي دير الزور. اليوم، ومع سقوط النظام، يتطلع الأهالي إلى محاسبة جميع مرتكبي مجزرة الجورة والقصور من قبل الحكومة السورية الحالية، لضمان عدم تكرار مثل هذه الفظائع، وتحقيق العدالة للضحايا.

الذكرى الثالثة عشر لمجزرة الجورة والقصور ليست مجرد استذكار للمأساة، بل نداء مستمر للسعي نحو العدالة والمحاسبة، وتأكيد على أن الشعب السوري لن يتخلى عن كشف الحقيقة وملاحقة مرتكبي الجرائم مهما طال الزمن.