أسعد الشيباني… ثعلب السياسة السوري يفتح أبواب واشنطن لرفع العقوبات

في قلب العاصمة الأميركية واشنطن، يقف وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني محاطاً بأضواء السياسة الدولية ومراكز القرار الكبرى، محاولًا إعادة رسم صورة بلاده بعد أعوام طويلة من العزلة والحصار. لم تأتِ زيارته إلى الولايات المتحدة، كمحطة بروتوكولية عابرة، بل كحركة استراتيجية محمّلاً برسائل قوية تتجاوز حدود الدبلوماسية التقليدية، نحو معركةٍ من أجل رفع كامل العقوبات المفروضة على سورية.

ما يقوم به الشيباني في واشنطن، ليس مجرد لقاءات بروتوكولية مع دبلوماسيين وموظفين، بل جولات مكثفة مع مشرّعين في الكونغرس، ومجموعات ضغط مؤثرة، ومؤسسات مالية واقتصادية، وكلها تصب في هدف واحد: إقناع الإدارة الأميركية بأن الوقت قد حان لإنهاء سياسة العقوبات التي أنهكت الاقتصاد السوري وعزلت دمشق عن محيطها. قوة رسائله تكمن في وضوحها وتكرارها: العقوبات لم تعد تحقق أهدافها السياسية، بل أرهقت الشعب السوري وأبقت المنطقة رهينًة للفراغ والفوضى.

ما يلفت النظر هو قدرة الشيباني على المزج بين لغة سياسية رصينة وبين إصرار على تقديم بدائل عملية. فقد أظهر استعدادًا للحديث عن تفاهمات أمنية إقليمية، وطرح خطوات إصلاحية داخلية كأوراق قوةٍ إضافية لإقناع الأميركيين وحلفائهم بأن رفع العقوبات لن يكون خطوة مجانية، بل استثمارًا في استقرار الشرق الأوسط. هنا تتجلّى صورة ثعلب السياسة الذي يعرف متى يناور ومتى يرسل إشارات مباشرة، فيسعى ليكون صوته مسموعاً في أروقة صنع القرار الأميركي.

التوقيت ليس تفصيلًا عاديًا. فوجود الشيباني في واشنطن اليوم، يأتي في لحظة تحولات دولية معقدة: انشغال الولايات المتحدة بملفات كبرى مثل أوكرانيا والصين، وحاجتها لترتيب أوراق الشرق الأوسط بما يخفف عنها أعباء المواجهات المفتوحة. هذا ما يمنح الشيباني مساحةً للمناورة، حيث يحاول أن يقنع الأميركيين بأن سورية الجديدة يمكن أن تكون جزءًا من الحل لا مصدر أزمة إضافية.

ومهما تكن النتائج النهائية، فإن مشهد وزير الخارجية السوري وهو يتنقل في واشنطن، يلتقي ويخاطب ويعرض ويقنع، يعيد طرح سؤال أساسي: هل نحن أمام بداية مرحلة جديدة من السياسة السورية قوامها الانفتاح بعد العزلة؟ وهل يستطيع الشيباني أن يحوّل هذا الحراك إلى قرارٍ أميركي فعلي بإزالة كامل العقوبات؟ حتى الآن، تبدو خطواته جريئًة ومختلفة، وقد تفتح الباب أمام تحولات كبرى إذا نجح في تثبيت موقعه كـثعلب السياسة القادر على إعادة سورية إلى الخارطة الدولية من أوسع أبوابها.

شارك