المحطة الأخيرة.. مشروع قسد يدفن تحت رمال الاتفاقيات
الكاتب : مصطفى مهنا
يبدو أن الأوراق الأخيرة قد سقطت من يد قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي طالما راهنت على الزمن والمماطلة لتحقيق طموحاتها الانفصالية. بعد أشهرٍ من التعنت والتسويف والعمل بمنطق العصابة تحت شعارات زائفة مثل المؤتمرات وتوحيد الصفوف، يبدو أن آمال التقسيم والادعاءات بـ”شبه الفيدرالية” على وشك الانهيار.
طالما استخدمت قسد استراتيجية المراوغة، متنقلة من “كونفرانس” إلى “مؤتمر مكونات”، بينما كانت في الحقيقة تشتري الوقت وتعمل على ترسيخ سيطرتها. هذه الأساليب أصبحت مكشوفة للجميع، وخاصة بعد أن تغيرت المواقف الإقليمية والدولية بشكل دراماتيكي.
المطرقة التركية والسندان السوري
الموقف التركي لم يعد يترك مجالًا للشك، فقد أوضح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن الحل العسكري سيكون الخيار الوحيد إذا لم يتم حل مشكلة قسد سلميًا. هذا التصريح، إلى جانب تصريحات الرئيس السوري أحمد الشرع، يضع قسد بين مطرقة تركيا وسندان دمشق.
الرئيس السوري، في تصريحاته لصحيفة “ملييت”، كان حاسمًا وواضحًا، مؤكدًا أن مطالب قسد بـ”اللامركزية” لم تعد تعتبر سوى ستار لأشكال مختلفة من الانفصالية. وأكد أن المجتمع السوري غير مستعد لمناقشة الأنظمة الفيدرالية، وأن الحل يجب أن يكون في إطار القانون السوري. وحذر من أن عدم اندماج قسد في الحكومة السورية حتى كانون الأول قد يدفع تركيا للتحرك عسكريًا، مشيرًا إلى أن دمشق نجحت في إقناع أنقرة بمنح فرصةً أخيرةً للمفاوضات. هذه التصريحات تكشف أن قسد أضاعت فرصًا ثمينة كانت متاحة لها.
احتراق ورقة واشنطن
لم تعد ورقة الدعم الأمريكي التي تلوح بها قسد ذات قيمة كما كانت، فالتصريحات الأمريكية الأخيرة وتحرك الكونغرس لإلغاء قانون قيصر، بالإضافة إلى العزلة التي يعاني منها بعض الدبلوماسيين الأمريكيين الداعمين لقسد، كلها مؤشرات على أن الإدارة الأمريكية بدأت في تغيير بوصلتها.
اللقاء “الصدفة” الذي زعمت قسد أنه حصل مع مسؤولين أمريكيين في أحد الفنادق بواشنطن، والذي استمر لدقيقة ونصف أمام المصعد، كان بمثابة إهانة دبلوماسية تكشف حقيقة موقفهم الضعيف. هذا الحادث، إلى جانب الأخبار الواردة من ميدل إيست آي حول عزل دبلوماسيين أمريكيين بسبب انحيازهم لقسد، يؤكد أن الورقة الأمريكية التي راهنت عليها قسد قد احترقت تمامًا.
نتجه الأمور نحو حل شامل، سواء كان سلميًا أو عسكريًا، وتبقى قسد هي الطرف الخاسر الأكبر. فمع تخلي أبرز حلفائها عنها ووجود تهديدات جدية من قبل الأطراف الإقليمية، أصبح مصيرها في مهب الريح. وفي النهاية، يبدو أن قسد قد حفرت قبرها بيدها ودفنت آمالها الانفصالية تحت رمال التعنت والمماطلة.